11/19/2011 12:08:26 AM
|
(( الصفحة الأخيرة ))
|
دبي فبراير 09 في الصفحة الأخيرة من الكتاب الذي أنهت قراءة بعض أجزائه كتبت .. (( ما أصعبها من لحظة عندما ترتمي في أحضان من أحبك وتجهش باكيا بسبب جفاء من تحب وما أقساها حينما لا تستطيع اخفاء ذلك الشعور ليستشعره قلب من ذاب بهواك بينما انت تذوب بهوى الآخر ! وترثي غيابه بأحضان من ينعي قلبه الذي مات بين أضلعك ولا عزاء له إلا أن يحيطك بذراعاه )) .. التاريخ 15/2/09 يقفل الكتاب بهدوء تام .. يضعه فوق المنضدة .. يجلس بانتظارها في الشرفة يستنشق نسمات الهواء الباردة التي تساعده في حفظ هدوئه والسيطرة على انفعاله الداخلي .. يحدق في الكتاب وتخالجه الرغبة بتمزيق تلك الصفحة ولكن ليس بالحكمة .. يتأمل باب الشرفة .. يقلب أصابع كفيّه بتوتر .. يتنهد .. يشخص بصره نحو السماء التي تلألأت بالنجوم .. يلفح وجهه الهواء حاملا معه عطرها الزكي الذي يعشقه .. يسارع بالنظر الى الباب .. ها هي تقف محدقة به بابتسامتها التي يهواها .. يقف مبتسما .. تقدم اعتذارها في الحال .. - عذرا للتأخير - لا ضير .. تفضلي تجلس وتسأله : ما رأيك في الكتاب ؟ يبدو لي أنك تأثرت بالعنوان ! - تعنين المضمون ؟ - إن أسعفك الوقت لقراءة المضمون فهذا استثمار كبير - والأكبر منه أن يسعفني حتى قراءة الصفحة الأخيرة . تضحك : الصفحة الأخيرة ليست من حقوق الكاتب بل حقوق الكاتبة الجالسة أمامك - مؤكد بعد أن خطتها بيدها . تدرك ما كتبت في تلك الصفحة فتظهر علامات التعجب عليها و تسأله بارتباك .. - هل قرأت ما كتبت في آخر الكتاب ؟ - ولم هذا الارتباك ؟ بانفعال : كيف تأذن لنفسك بالقراءة ؟ ألم تعلم بوجوب الاستئذان حينما تشاهد كلمات خطت باليد على ظهر الورق ؟
- إهدئي ، لا يستدعي الأمر هذا الانفعال تأخذ الكتاب وتقف قائلة : ما هكذا الظن بك يا ... يستوقفها : أوتظنين بأني تعمدت القراءة ؟ أنتي من قدم لي الكتاب للاطلاع عليه وقد وقعت عيني بالصدفة أثناء تصفحه على الصفحة الأخيرة - حسنا . وهل استمتعت بالمضمون ؟ يتنهد : تعلمين بأني أهوى جل ما تخطه يمينك وأعشق كلماتك .. والآن هل تتفضلين بالجلوس كي نتم الحديث ؟ - لقد تأخر الوقت وأرغب في العودة الى سكني - كما ترغبين .. هيا لأوصلك ونكمل حديثنا في الطريق . - أرغب بالذهاب لوحدي - لا تحلمين بذلك - ولم لا ؟ - لأنكي هنا في عهدتي لحين عودتكي الى بلدك في سلام . ترمقه بنظرات حادة ثم تهم بالمغادرة ومن خلفها حمل معطفه ومفتاح المنزل للحاق بها .... يتبعععع * * * حقوق التأليف للكاتبة سلوان مع وافر الشكر لموافقتها
|
11/19/2011 1:16:31 PM
|
الصفحة الأخيرة 2
|
في الطريق .. تسير بصمت تتقدمه وهي تحتضن الكتاب وتراقب خطواتها .. يتأملها وهو يسير بجانبها وقد لاحظ استيائها مما حدث .. يعتذر : آسف جدا لما فعلت - لا داعي للأسف - ولا داعي للصمت - لا أرغب في المجادلة - لا أحتمل صمتك تعود للصمت مجدداً .. يحاول مداعبتها في شد الكتاب من تحت ذراعها .. ترفع ذراعها لتمنعه .. يعاود الكرّة .. تمنعه .. يصر بمحاولاته فتنزعج بشدة وترمي الكتاب أرضا قائلة : هو لك ، أشعرت بالراحة الآن ؟ يقهقه ويرفع الكتاب من الأرض : حسنا ، هل أخرجتي جميع انفعالاتك أم مازلت تحتفظين ببقايا منها ؟ تقف محدقة به .. يواصل قهقهته - أعشق هذه النظرات المتجهمة .. بتوددّ قالها وأعشق تلك العيون .. إن العيون التي بها حور قتلننا ... تسرع بضربه على فمه لاسكاته : كفى - وأعشق كفى من فمك - استأت منك يدنو منها : وأعشق استيائك تصرخ به : كفاك - وأعشق غضبك تتسمّر بمكانها وتشعر بالفتور شيئا فشيئا .. يقرّب خطواته منها محدقا بها بحب .. استشعرته من حدّة نظراته واستشفته من عمق كلماته .. - أتشعرين بالبرد ؟ - قليلا بخبث : بفعل الطبيعة أم عوامل أخرى ؟ - نحن نقف في الطريق - وأنا أقف امامك - ها هو الفندق ، تستطيع العودة - لن أعود إلا بعد أن تدخلي جناحك وأطمأن بأنك بخير - هاتفني - بعد أن أطمأن بزفرة : حسنا تفضل .. يتوجهان إلى الفندق مكان إقامتها .. وأمام باب الجناح استوقفها ليتمنى لها ليلة هانئة .. - الان تفضلي بالدخول وتوجهي فورا لمهجعك لتنعمي بنوم هانيء ورافقتك السلامة تنظر إليه بهدوء .. يسألها : ماذا ؟ - هل انزعجت مما قرأته في الكتاب ؟
- أي كتاب ؟ هذا ؟! يفتح يدها ليضعه قائلا : أنا لا أعرف هذا الكتاب ولم أشاهد ما به - سنناقش هذا الأمر بعد قليل عبر الهاتف - لن أناقش الأمر ولا يعنيني شيئا .. هيا ادخلي واطفئي كل ما حولك لتنامي تخرج هاتفها النقال من جيب معطفها قائلة : لن أدخل حتى يرن هاتفي الآن - بل ستدخلين لأني تركت هاتفي في مسكني - ادخل ولكن لن أنام حتى تصل وتكلمني - لقد أمضينا اليوم بأكمله سوية وهاهو انتهى ونحن معا .. دعي ما تبقى للنوم لا ترهقي بدنك فصحتك أثمن ما أملك بهذه الدنيا تبتسم قائلة : عدني بأن تصل المنزل بسلام يربت على كتفها مبتسما : وعديني أن تنتبهي لنفسك . - قلها أنت أولا - أعدك - وأنا أعدك يقبل رأسها لتدخل .. ثم يهم بالمغادرة . ..... يتبعععع * * * *
|
11/22/2011 11:49:53 PM
|
الصفحة الأخيرة 3
|
في اليوم التالي .. يلتقيها في بهو الفندق .. ولكنه يبدو على غير عادته .. فهدوئه طاغى وابتسامته التي عهدتها فارقت وجهه .. لقد تأثر بما كتبت ( ساورها الشك ) فحاولت التيقن بالقول .. - لو كنت أعلم بأن كلماتي تحمل السم في طيات أحرفها لما كتبتها .. ينتبه قائلا : ماذا ؟! - هل من سوء ؟ - لم يعجبني تعليقك الأخرق - قلت لك ناقشني واخرج الحشرجات من جوفك ولكنك آثرت المكابرة - كفاك تملقاً .. لقد هاتفني المستشفى في الصباح الباكر وذهبت للقاء الطبيب - ظهرت النتيجة ؟ - نعم ، ولا يجدي العلاج دون إجراء العملية بانزعاج : لن أخضع لها - نعم ستخضعين - قلت لك من البداية لن أستسلم لمشرط الجراح - وتستسلمين للموت البطيء ؟ - أفضل من توقف القلب فجأة بين يدي الأطباء . - أوتعلمين الغيب ؟ - ألم تستمع للأعراض الجانبية التي ذكرها الطبيب ؟ - النسبة ضئيلة جدا تقف : أود العودة إلى بلدي تذهب قائلة : سأحضر تذكرة السفر الآن ونذهب لتعديل موعد العودة . يلحق بها : ولكن انتظري .. لنذهب لزيارة الطبيب أولا تقف أمام المصعد : لا مزيد من الزيارات ولا حتى لعلاج . يقف أمامها لمنعها : ولا مزيد من المهاترات وسأتصدى لعنادك الذي يريد تدمير حياتك وحياة محبينك - ابتعد .. دعني أذهب يرمقها بنظرة حانقة منزعجا من تصرفها .. تتجاهل نظراته وتميل بجسدها لداخل المصعد .. تذهب بهدوء ويبقى مكانه .. * * * * في جناحها الخاص .. جلست فوق الأريكة تذرف دموعها بضيق بعدما علمت بأمر علاجها .. تسمع طرقاته الخفيفة على الباب .. تضغط الزر الالكتروني لفتحه .. يلج بهدوء بعدما سمع رزيز بكائها .. يقترب منها.. يستأذنها الجلوس .. - أتأذنين لي بالجلوس هنا ؟ أم أذهب بعيدا ؟ بصوت مخنوق : كما تود يجلس في الأريكة المقابلة - لن ندخل في جدال لا نفع منه هي كلمة واحدة فقط سأقولها ( أنا معك ) تنظر إليه ولا زالت تذرف دموعها .. - نعم ، مهما كان قرارك فأنا معك ( أومأ برأسه مؤكداً ) إذاً لمَ لا تأخذني بحجرك ؟! ( أسرّت بها ) أود أن أذرف دموعي فوق كتفك .. هيا اقترب مني وعانقني كي أهدأ .. شعر بشيء ما في نفسها من خلال نظراتها فبادر قائلا .. - تريدين أن تبقي لوحدك ؟ لا تقولي نعم لأني لا أحسن تركك وانت بهذه الحال .. يقدم لها منديلا : امسحي دموعك واهدئي لا داعي للمزيد منها .. - ألم تمسحها بطرف اصبعك كما عودتني ؟ ( سألته في نفسها ) .. - ستبقى يدي معلقة هكذا ؟! تخرج من سرحانها وتلتقط المنديل من يده قائلة : هل سترافقني لمكتب السياحة ؟ يتنهد منزعجا : حسنا كما تشائين .. ولكن ليس الآن ، تبدين شاحبة ، خذي قسطا من الراحة وتناولي غدائك ، ثم نذهب معا . تلقي رأسها على ظهر الأريكة قائلة : لا رغبة لي في الطعام ولا راحة إلا في بلدي . - وانا راغب في الطعام ولا راحة لي إلا بتناوله معك .. يقف قائلا : سأذهب لإبلاغهم بتحضيره ريثما تنتهين من تهذيب مظهرك ... سأكون بانتظارك في المطعم الأرضي ... هيا لا تتأخرين .. يخرج من أمامها وهي تحدق به بدهشة قائلة في نفسها : يا لبلادة احساسك .. * * * * يتبععع ..
|
11/23/2011 11:05:16 PM
|
الصفحة الأخيرة 4
|
في المطعم جلس بانتظارها بعد أن طلب جميع أطباقها المفضلة في الطعام واستعد للقائها ولكنها لم تحضر ولم تجب اتصالاته المتكررة إليها .. توجّس واعتراه القلق فتوجه لرؤية ما ألم بها .. يطرق الباب ولكنها لا تفتح .. يا لعنادك المدمر ( تمتم قائلا ) يعاود الاتصال بها ولكن دون جدوى .. قرر الذهاب لطلب العون من إدارة الفندق فلربما أصابها مكروه .. وبعد ان تمت مساعدته دخل مسرعا يناديها .. ففوجيء بها ممددة مكانها فوق الأريكة غائبة الوعي .. هرع لنجدتها .. تفحّص نبضها - حمداً لله انها على قيد الحياة ( تنفس الصعداء ) يحاول ايقاظها .. يقوم بغسل وجهها بالماء البارد .. استيقظت بعد لحظات وتفاجأت أنها بين يديه .. يااا لحماقتك لقد توقفت الدماء بجسدي ( سارع بضمها الى صدره قائلا ) .. تهمس بأذنه : ماذا حصل ؟! انا أحلم ؟!
- استمعي لدقات قلبي الفزعة فهي تخبرك بما حصل .. - آآآه يا ليتها كانت دقات قلبه .. ( أسرّت بها ) يضمها بقوة قائلا : توجّست عليك حتى الموت شعرت بالنفور فور أن أحست جسده يلامس جسدها .. انا بخير ( قالت ) فقط أشعر بالاختناق لا أقوى التقاط أنفاسي يبتعد عنها قائلا : عذرا .. سآتي بالماء حالا .. ( يذهب ) تحاول النهوض ولكنها تشعر بالوهن وتتألم .. لقد عاودها الوخز في قلبها مجدداً .. تتألم بشدة .. تبدأ بطرطقة صدرها وهي تردد بضيق وقهر : لن أستسلم لك ، لن تجبرني على الرضوخ لمشرط الجراح .. لن تهزمني ، سأتغلب عليك .. سأتغلب عليك .. تبكي تأوّهاً .. حضر مسرعاً : ماذا هناك حبيبتي ؟ حبيبتي ؟! ( أسرت بها مندهشة ) يجلس بجانبها : تناولي الماء - أريد الدواء حالا .. الألم يفتك بي - تماسكي قليلا سوف يأتون بالطعام في الحال لتأكلي ويشتد عودك ثم تأخذين الدواء تشعر بالاختناق: قلت لك لا رغبة لي في الطعام أحضر الدواء الآن الآن.. آه ( يزداد بكائها ) بارتباك : وأين هو ؟ - فوق المنضدة في غرفتي . يذهب لإحضاره وهو يقول : يجب ابلاغ الطبيب في الحال ..
* * * * في المستشفى ... حيث تم إنعاشها و استقرت حالتها .. يجلس بجوارها قريبها الذي رافقها في الرحلة مراقبًا وهي مستغرقة في النوم .. لم يتمكن الصديق من زيارتها مذ دخولها هناك فلقد لازمها قريبها طوال فترة اقامتها ومنعت من استخدام الهاتف المحمول كليةً ما دعاه للمتابعة مع الطبيب المشرف على علاجها كي يطمئن على صحتها .. انقضى يومان وكانا من أشد الأيام وأعسرها على قلبه ، وكذلك هي فقد حاولت عبثاً مداراة شوقها ولكنها شعرت برغبة ملحة للقائه وسماع صوته .. فكرت طويلا فأسعفتها أفكارها بفكرة حاذقة قامت بتنفيذها على الفور واستطاعت اقناع قريبها بترك هاتفه المحمول معها .. وبعد أن غادر واطمأنت لرحيله وهدأت حركة الممرضات في القسم .. أخرجت الهاتف خلسة وهاتفته .. - نعم ( قالها بهدوء ) أطلقت تنهيدة شوق ساخنة وصمتت .. - آآآه ما أعذب هذه التنهيدة .. ( غمرته الفرحة ) طال انتظاري لسماعها تبتسم : اشتقتك ( أسرّت بها ) - ألا تكرميني بالمزيد ؟ - لم أستطع النوم دون سماع صوتك - تركتك الأيام الماضية لتنالي قسطا من الراحة - منك ؟ - من صوتي فقط ، أما أنا فلن تنالي الراحة مني أبداً - وأنت ؟ - لم أنم منذ أن فارقتك - هل هو ذنبي ؟ - دعك من التملق واخلدي الى النوم الآن .. سألتقيك صباح الغد - سأغادر المستشفى في الصباح - سأكون بانتظارك في الفندق وسنقضي اليوم معاً. - نتناول الغداء فقط .. - لا تتملصي - سوف أرحل مساء الغد يفاجأ بهذا الخبر قائلا : سألازمك في المطار لحين موعد المغادرة - وقريبي ؟ - لا ضير بأن يبقى معنا فنحن نعرف بعضنا - ولكنه لا يعلم بأمر صداقتنا - لا تقلقي ولا تفكري بشيء .. أين هو الآن ؟ - ذهب ليرتاح ويعود في الصباح الباكر غدا - حسنا .. لننهي المكالمة كي لا يرهقك الحديث - ابقى معي حتى أنام - لماذا ؟ ترتبك وتلزم الصمت .. - هو السكوت هوايتك المفضلة ( علق بانزعاج ) - ستبقى ؟ - وهل ستنامين أم تنامين كالعادة ؟! ( قال مداعبا ) تضحك : بالطبع سأنام كالعادة - إذا تمنّي أمنيةً ولكن لا تجهري بها كالعادة .. دعيني أرى ان كنت سأحققها أم لا . - حسنا .. ( ليتني أراك الآن ) تمنتها في نفسها . - انتهيتي ؟ - ماذا ؟ يقوم بالطرق الخفيف على باب غرفتها قائلا : هل أصبتها ؟! أصابها الذهول وراح جسدها يرتعش وتسأله بصوت يرتجف : أتمازحني ؟ هل هي طرقات افتعلتها من صوتك ؟!
يتبععع يتبععع ..
|
12/5/2011 9:11:22 PM
|
الصفحة الاخيرة 5
|
أصابها الذهول وراح جسدها يرتعش وتسأله بصوت يرتجف : أتمازحني ؟ هل هي طرقات افتعلتها من صوتك ؟! - أتريدين أن أفتح الباب الآن ؟ - لا لا على رسلك .. ليست هذه بالمزحة .. حسنا امهلني شيئاً من الوقت - سأمنحك دقيقة واحدة كي ترتدي مايجب ارتدائه وسأدخل تغلق الهاتف بعجالة وتستر ما تعرّى من جسدها وتعتدل بجلستها بقدر المستطاع وبعد انتهاء الدقيقة .. فتح الباب وجاءت عينه في عينها على الفور .. تطبق شفتاها من شدة فرحها يدخل بهدوء .. يقف أمامها محدقاً بها .. يطيلان النظر إلى بعضهما بصمت .. وكل منهما يبوح سًرا بما في قلبه للآخر.. - لم أعلم حتى هذه اللحظة بأن قلبي سيدق شوقاً إليك ؟! - ليتني أستطيع ضمك الى صدري لتشعري بحرارة شوقي !! - لم لا تقترب وتعانقني بقوة ؟! - آآه ما أعذب هذه العيون الناعسة التي تحدق بي.. كم أرغب بتقبيلها .. تخرج من صمتها قائلة : ألا تود الجلوس ؟ ينتبه لسؤالها ويوميء برأسه : بالطبع عزيزتي .. ( يجلس في الكرسي الجانبي ) كيف حالك الآن ؟ يسألها . - بأحسن حال .. تصمت وهي لا تستطيع إخفاء نظرات الشوق التي تصيب بسهامها نظراته المتعطشة لبراءة مبسمها . يقاطعها : إذا .. غدا ستغادرين وتسرقين فؤادي معك ؟! تبتسم : أسرقه ؟ لم لا توفر علي السرقة وتقدمه لي برضا يبتسم : ومن قال انني لم أقدمه ؟ ( أسر في نفسه ) - ماذا أفهم من تلك الابتسامة ؟ - الإجابة .. - لا قلب لدي يحتمل لعبة التخمين يرمقها بنظرة ثاقبة : تملكين قلباً يحمل جبلاً من الرومانسية .. لا تقوى بقية القلوب على ارتقاءه .. تخفض بصرها وهي تبتسم بخجل .. يتنهد : حمدا لله انك بخير .. أستطيع الذهاب الآن وقلبي مطمئن ( وقف قائلا ) تسارع بالنظر إليه : لماذا ؟ - لأنك تكابرين على شوقك وتأسرينه في فؤادك قسراً .. ( قالها في نفسه بحسرة ) يطيلان النظر إلى بعضهما وكل منهما يتحرق شوقا لمعانقة الآخر .. وفجأة تتألم .. - لقد عاودني الوخز وهذا بسببك الآن .. يقترب منها وهو منزعج من اتهامها .. يجلس بقربها بطرف السرير .. يشير إلى قلبها قائلا : هذا بسبب ما تكتمينه هنا في هذا الغار المعتم .. الذي لا تسمحين بدخول الشمس إليه تخفض بصرها وتتنفس بعمق ليهدأ ألمها .. يحدق بها قائلا في نفسه : حرارة جسدك تمزقني .. أشعر بها دون أن ألمسك ... يدنو منها بهدوء ويقبل رأسها : آسف جدا لا أدري كيف تفوهت بهذه الكلمات - عانقني كي أهدأ ( ترجوه في نفسها ) - أتشعرين بالنعاس ؟ سأحكي لك حكاية كي تنامي ثم أذهب . ترفع رأسها بفزع : لا .. لن أستطيع النوم وانت هنا . يخفي دهشته من ردها قائلا بابتسامة : إذاَ .. ألقاك في الغد .. نوماً هنيئاً .. يهم بالقيام من قربها فتسارع يدها بالتقاف يده لمنعه .. سيزداد ألمي وستهرع الممرضة لإعطائي الحقنة الشريرة .. لا أريدها أن تفعل أرجوك ابقى بجانبي .( قالتها بصوت مخنوق امتزج بشيء من البكاء ) رق قلبه وتسارعت دقاته .. عاد في الجلوس وقبل يدها مطمئناً : انني بجانبك دوماً .. هيا استرخي واهدئي سيزول الألم في الحال .. أرخت جسدها واطمأنت قليلا وهو يداعب أصابع يدها برفق ليساعدها في الاسترخاء .. وبدأ بإلقاء القصيدة المتوحشة لشاعرها المفضل لينقلها إلى أجواء أكثر هدوءاً وراحة : أحبيني بكل توحش التتر .. بكل حرارة الأدغال .. كل شراسة المطر .. ولا تبقي ولا تذري ولا تتحضري أبداً .. فقد سقطت على شفتيك كل حضارة الحضر .. راحت تحدق في سقف الغرفة وتتذكر لمساته الحانية في اللقاء الأخير الذي جمعهما والأجواء الحميمية التي حفتهما .. تطبق اسنانها بأسفل شفّتها .. تغمض أجفانها .. أنا رجل بلا قدر فكوني أنت لي قدري .. يبدأ لسانها بالدوران حول شفاهها بحركة لا شعورية منها .. يراقبها بنظراته وحرارة جسده تزداد وهو يشعر بسخونة أصابعها التي عانقت أصابعه ويكمل : وأبقيني على نهديك مثل النقش في الحجر .. أحبيني .. - قبلني ( قاطعته بهذه الكلمة وهي تشد على يده بقوة معلنة رغبتها الملحة ) .. كاد لا يصدق ما سمع ولكنه أمال بجسده قليلا قربها وراح يدنو برأسه شيئا فشيئا وهو يشعر بقطرات العرق الصغيرة تطفو على جبينه وعيناه تذوب في شفتاها المكتنزتين .. أحست بدفء أنفاسه بعدما التصق أنفه بأنفها ففتحت عينها على الفور مذعورة وأمالت رأسها جانباً كي لا يقبلها .. شعر كل منهما بالحرج الشديد وآثرت الصمت بعدما فرقّت أصابع يدها عن يده لتتركها فارغة كما تركت قلبه .. يتبعع
|
1
|