humanityking Posts 14
|
كما جرت العادة – عادة حميدة – و هي اصطحاب اابنتي للغداء في يوم الجمعة من كل اسبوع تقريباً , و مطعمنا المفضل لهذه الوجبة هو لورينزو الواقع في منطقة الصالحية التجارية , فهناك يجتمع الطعام الجيد و الخدمة المتميزة و الأهم من هذا و ذاك الهدوء و السكون و الخلوة الذهنية التي اسعى للتمتع بها. و بطبيعة الحال تزدحم منطقة الصالحية و دوار الشيراتون بالوافدين من الجنسية الهندية و الفلبينية في هذا الوقت من الأسبوع , و من خلال موقعي المتميز في مطعم لورينزو أتمكن من مراقبة تصرفات هؤلاء الوافدين و التمعن في طريقة استمتاعهم بهذه العطلة. و المثير في الأمر أن أغلب هؤلاء يأتون من مناطق ذات جمال طبيعي خلاب تختلط فيه الجبال بالوديان و الأنهار بالبحيرات , الا أنهم يقفون أمام نافورة ميدان الصالحية لالتقاط الصور التذكارية و توثيق لحظاتهم السعيدة مع الأحباب و الأصحاب. قد تعتقدون أني أُبالغ عند الاعتراف أمامكم بأني أشعر بالمتعة و الراحة الشديدة عند مشاهدة جموع الوافدين و هم يتبادلون الصور في هذا المكان , فعقلي يسرح و يمرح في التفكير بتفاصيل حياة كل منهم , فهذا يعمل سائق في منزل عائلة كويتية , و ذاك يعمل في مطعم للوجبات السريعة , أيضا أفكر في ماذا سيكتبون لأحبابهم في بلدانهم عن الكويت و عن هذه الصورة بالذات , هل سيُعبرون عن سعادتهم لوجودهم بيننا ؟ هل سيذكرون الكويت بالخير و الامتنان لأهلهم ؟ هل سيشكرون الله لأنهم تمكنوا من العمل هنا ؟ أم أنهم سيقولون أن الكويت قطعة من الجحيم و هم لا يستطيعون الانتظار ليلة واحدة اضافية للخروج منها ؟
في الغالب أشعر أنهم سعداء , أو هم كذلك في لحظة التقاط الصورة , و هذا ما يجعلني أشعر بالارتياح و الولاء الاضافي لهذه الأرض , نعم أعرف أننا لسنا الأفضل في التعامل مع الوافدين و أعرف أن طبيعة بلادنا ليست الأجمل بين دول العالم , لكنني أعتقد بالفعل أن بلدنا بلد خير , و أرضنا أرض الطيبة و التسامح , أقول ذلك حتى و ان كنت الوحيد الذي يؤمن به. لا أنكر أيضا أنني أشعر بالضيق أحيانا عندما أرى أبناء هذا البلد يعيشون في جو من الكآبة و الاحباط الدائم , هذا الاحباط الذي يعمي أبصارهم عن ملاحظة الجمال من حولهم , فأنا لم أشاهد كويتي واحد يلتقط لنفسه صورة بجانب نافورة الصالحية ؟ لم أصادف كويتي يصوّر نفسه في ساحة الصفاة ؟ هل التذمر المتواصل جعلنا أصحاب نظرة سوداوية لا تحسن الاستمتاع بالجمال البسيط ؟ هل نجحت وسائل الاعلام في تغليف حياتنا بالسلبية و البؤس ؟
لا أعلم في الحقيقة لماذا أستمر في التطفل على هؤلاء بتصويرهم , ربما أبحث عن راحتي النفسية في راحتهم , ربما أكون أحد التعساء الذين لا يرون الجمال الا من خلال عيون الآخرين , أو ربما أحببت فقط أن اقول ان الكويت جميلة . كم جميل ان تبتسم ودموعك على وشك الانهيار.
|